تؤكد النظريات العلمية في الفيزياء
الكونية والفلكية إن الانفجار العظيم Big Bang قد خلق مادة ومادة مضادة
بنفس القدر، قبل ما يقارب 14 عشر مليار سنة، بيد أن هذه الثانية ـ أي
المادة المضادة ـ باتت مفقودة أو غائبة من مكونات الكون المرئي والمرصود،
وتجري أبحاث جدية منذ أمد طويل لمعرفة أسباب هذا الاختفاء وهل ما تزال
المادة المضادة موجودة في مكان ما لا يطاوله البشر اليوم في أعماق الكون أم
أنها تصرفت بطريقتها كردة فعل على هيمنة المادة الواقعية والمرئية
الملموسة وكونت لنفسها كوناً آخر غير مرئي، توأم لكوننا، يشبهه في كل شيء
ولكن بصورة معكوسة كما هو حال الصورة المنعكسة في المرآة، إلا أنه يقبع في
أبعاد أخرى لا قدرة لنا على كشفها أو استشعارها أو قياسها؟. المختبرات
الأرضية تعمل جاهدة للكشف عن المادة المضادة من خلال التجارب. ففي مصادم
ومسرع الدقائق أو الجزئيات الجبار في المركز الأوروبي للأبحاث الفضائية
الموجود بالقرب من جنيف، CERN قذفت بروتونات ووجهت بمساعدة مغناطيس نحو
هدف من الرصاص، ومن جراء التصادم من المفترض أن تتكون جزئيات أو جسيمات
سرعان ما تتفكك وتتحول إلى نوتريونات neutrions. ومن المؤمل رصد هذه
النوتريونات على مبعدة 700 كلم من هذا المكان في مرقب غران ساسو Gran Sasso
الواقع في جبل يحمل نفس الإسم بالقرب من روما ويضم أكبر مختبر تحت الأرض
لإجراء تجارب فيزياء الدقائق أو الجسيمات، و على عمق 1400 متر في باطن
الأرض يوجد مرقب أو جهاز استشعار ورصد ضخم جداً يزن حوالي 2000 طن. ويقوم
منذ العام 2006 بتسجيل وجود دقائق أو جزيئات معروفة باسم النوتريونات تبث
على مدى 732 كلم عبر القشرة الأرضية من قبل منشآت المختبر الأوروبي لفيزياء
الطاقات القصوى المعروف باسم سيرن CERN المشار إليه أعلاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق